/* test */ -->
نُشر مؤخرًا

نساء في الظل

محمد علمي - المغرب

قبل مدة عرض بإحدى القنوات الوطنية بورتري ليوميات مهندسة معمارية ناجحة، تخصص الوقت خارج العمل لممارسة الرياضة، تعلم الموسيقى، الرقص، وأيضاً تعلم اللغة الروسية، ولابد من وقت لمشغلها فهي كذلك فنانة تشكيلية.

مثال جميل إلى حد المثالية للمرأة الناجحة، أمثلة تملأ النشرات الإخبارية كلما اقترب 8 مارس. أكيد أننا نعتز ونفخر بمثل تلك النساء. لكن هل هي معايير النجاح الوحيدة؟

ماذا عن تلك المرأة القروية التي بغياب الطريق لم تكمل دراستها، أو التي تمضي يومها بين الحقل والمواشي مساهمة بشكل كبير في تنمية الاقتصاد الأسري. أو تلك التي بأسباب خارجة عن إرادتها تمضي 12 الساعة في معمل للنسيج وساعتان في التنقل وساعات أخرى في الأشغال المنزلية، تقوم بكل هذا بصبر وعزم وكفاءة أيضاً.

ماذا عن ربة البيت التي ينطلق يومها قبل استيقاظ الجميع، وينتهي بعد نوم الجميع. عمل يحتاج لجهد وتفاني وتخطيط.

هذه أمثلة لنساء يساهمن في دعم مداخيل الأسرة، وفوق هذا يربين أطفال ويوفرون لهم كل الدعم والحنان ليصبحوا مستقبلا أطباء ومهندسين ومحاميين وتجار، ألا يعتبر هذا نجاحا؟ أليس نجاحاً أهم لأن أثره يمتد للمستقبل؟

للأسف إن مفاهيم ومقاييس النيوليبرالية لا ترى في المرأة، وكذلك الرجل، إلا جنود توظفهم في الماكينة الانتاجية والاستهلاكية، وتجعل الكسب المادي في قائمة الأولويات، وتركز على مفهوم الاستقلالية بدل مفهوم التشاركية، وهو ما يمس في جوهر الأسرة والعلاقة التي تربط الرجل بالمرأة لبناء هذه الأسرة ناجحة وبالتالي مجتمع ناجح، وهذا نقاش آخر.

كما أنه محزن أن تتضمن مظاهر الاحتفال باليوم العالمي للمرأة أشكال من العنصرية والإقصاء والتبخيس.

إن المرأة في أعالي الجبال، أو المنكبة في البحوث بالمختبرات والجامعات، الموظفة، العاملة، ربة البيت، المنظفة، الأستاذة، الفنانة، المثقفة، الأمية... كلهن يستحقن التكريم والتقدير. أما التركيز على فئة دون أخرى لتلميع الصورة وهروب للمجتمع والدولة من مسؤولية واقع العديد من المكافحات في عالم تحكمه المفاهيم النيولبرالية بدل المفاهيم الإنسانية، وتطغى فيه المفاهيم النمطية بدل العقلانية.

بالنسبة لي كل النساء ناجحات ولكلهن أقول كل يوم وأنتن بخير.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-