محمد علمي - المغرب
غير أن عمري جاوز سن الثلاثين ولا سبيل لدي للالتحاق بمعهد متخصص، ورغم أن بلدي تعوّد وأد الأحلام باكرا، لكن حلمي ما يزال يتنفس تحت التراب ويزيح بأنامله المتعبة صخور الكبت والإحباط والقهر والصّمت ليخرج إلى النور ويتنفس هواء الحرية.
وبعد جهد وتكوين ذاتي ونشر عشرات من المقالات عبر مجموعة من المواقع، أخيرا نلت الصفة، أخيرا أصبحت صحفيا معتمدا، أصبح لحلمي رقم بطاقة وانتماء، أنا الآن قلم الشعب المسلول، الناطق غير الرسمي بلسان الأمة، أنا المحلل والطبيب والمحامي والمناضل... أنا الواقع. أنا المكرم والفاضح، أنا فوق الرقابة بل أنا رقيب الرقابة.
هكذا كان الأمل، مقال بعد مقال، ظاهرة اجتماعية، فضيحة مالية... مقالات لا تتعدى بهو حديقة حيوان جورج أورويل، في بلد قفصه يرود جناح النسر وخطوط حمراء تلتف حول الرقاب فتخنق كل صوت ما عدى صوت الطبلة، كمال قال نزار قباني " لا شيئ يعلو على صوت الطبلة ".
وفي زمن حكومة "انتخبها الشعب"فجعلت قدر الشعب في يد من هم فوق الشعب، صاح قلمي "اللهم إن هذا لمنكر، كفاكم حزا في رقاب العباد والأرزاق، فإما أطلقوا صراحنا أو أحسنوا الذبح".
وبعد يومين ردّت إلي كل مقالاتي مع ملاحظة بالأحمر "ممنوع من النشر".